مع صدور فيلم The Fantastic Four: First Steps، تعود العائلة الأولى لمارفل إلى الشاشة الكبيرة تحت مظلة استوديوهات مارفل، محملة بآمال عريضة بتصحيح مسار المحاولات السينمائية السابقة. هذا الفيلم، الذي يشكل جزءًا من المرحلة السادسة من عالم مارفل السينمائي MCU، يأتي بتوجه فريد، حيث يقدم قصة أصل معدلة ويغوص مباشرة في عالمهم بعد أربع سنوات من اكتسابهم لقواهم.
لنستعرض كيف يتفاعل هذا الإصدار مع جذور الكوميكس الغنية، وما الذي يميزه عن نسخه السابقة، وكيف كانت ردود الأفعال الأولية.
النشأة
![]() |
Marvel Comics |
نشأت فرقة الفانتاستيك فور من عبقرية ستان لي وجاك كيربي في عام 1961، حيث قدموا لنا شخصيات تتجاوز مجرد الأبطال الخارقين. رييد ريتشاردز Mr. Fantastic، العالم العبقري ذو القدرة على تمديد جسده، سوزان ستورم Invisible Woman، التي تتحكم في الضوء وتخلق حقول القوة، شقيقها جوني ستورم Human Torch، الذي يستطيع الاشتعال والطيران، وبين غريم The Thing، الصديق الوفي الذي تحول إلى كائن صخري ضخم.
يكمن جوهر الفانتاستيك فور في الكوميكس في كونهم عائلة. لا تقتصر مغامراتهم على إنقاذ العالم من الأشرار الكونيين مثل دكتور دوم وغالاكتوس، بل تمتد لتشمل صراعاتهم الشخصية، خلافاتهم العائلية، وتحدياتهم كأفراد يواجهون قدراتهم غير العادية. إنهم يمثلون روح الاستكشاف العلمي، المغامرة الفضائية، والتساؤلات الفلسفية حول القدرات العظيمة والمسؤولية المصاحبة لها. هذه الديناميكية العائلية المعقدة، مع مزيج من الفكاهة والدراما والمغامرة، هي ما رسخ مكانتهم كأيقونات في تاريخ الكوميكس.
مر الفانتاستيك فور بتجارب سينمائية متعددة قبل هذا الإصدار، كل منها قدم مقاربة مختلفة مع درجات متفاوتة من النجاح:
The Fantastic Four (1994)
![]() |
Marvel Studios |
فيلم منخفض الميزانية لم يتم إصداره رسميًا، يعاني من قيود إنتاجية واضحة، ورغم محاولته البسيطة لتقديم الشخصيات، إلا أنه لم يكن بمقدوره تجسيد جوهرهم.
Fantastic Four (2005) و Fantastic Four: Rise of the Silver Surfer (2007)
Fant4stic (2015)
الخلاصة من هذه التجارب هي أن الفانتاستيك فور يحتاج إلى فيلم يحترم المادة من الكوميكس، ويقدم عمقًا للشخصيات، ويوازن بين الدراما والمغامرة، والأهم من ذلك، أن يتبنى مفهوم العائلة كقوة دافعة ومركزية في القصة.
(2025) The Fantastic Four: First Steps
يتبنى مقاربة جديدة ومميزة للغاية، تهدف إلى تجنب مآزق الإصدارات السابقة. من إخراج مات شاكمان المعروف بعمله على WandaVision وبطولة بيدرو باسكال (رييد ريتشاردز)، فانيسا كيربي (سوزان ستورم)، جوزيف كوين (جوني ستورم)، وإيبون موس-باتراش (بين غريم)، بالإضافة إلى جوليا غارنر في دور سيلفر سيرفر ورالف إينيسون في دور غالاكتوس.
ما الذي يجعله مختلفًا؟
لا قصة أصل تقليدية: الفيلم لا يقضي وقتًا طويلاً في سرد كيفية حصول الفريق على قواهم. بدلاً من ذلك، يبدأ الفيلم بعد أربع سنوات من اكتسابهم لقواهم، حيث أصبحوا بالفعل "الفانتاستيك فور" المشهورين على الأرض 828 في عام 1964، عالم ذو جمالية "ريترو-فيوتشرستيكية" فريدة. هذا يسمح للفيلم بالانتقال مباشرة إلى المغامرة والتعمق في ديناميكية الفريق ككيان راسخ.
التركيز على العائلة والأبوة:
محور القصة الرئيسي هو حمل سوزان ريتشاردز بطفل من رييد، والتوترات والآمال المصاحبة لذلك. عندما يصل سيلفر سيرفر (شاللا-بال، وهي تجسيد أنثوي مختلف عن الكوميكس) ليعلن قدوم غالاكتوس الذي يطلب الطفل الرضيع كقربان لإنقاذ الأرض، تتصاعد الدراما العائلية إلى مستوى كوني. هذا يمنح الفريق دافعًا شخصيًا وعاطفيًا عميقًا للقتال لم يسبق له مثيل في الأفلام السابقة. النقاد يشيدون بشكل خاص بأداء فانيسا كيربي في دور سوزان وتجسيدها لعمق الأمومة.
غالاكتوس المخلص للكوميكس:
خلافًا لفيلم 2007، يقدم هذا الفيلم غالاكتوس ككيان كوني عملاق ومخيف، وفياً لتصميمه الأيقوني في الكوميكس. هذا يمثل تحسينًا كبيرًا ويرضي عشاق الشخصية.
اللغة البصرية والجمالية:
الفيلم يتميز بجمالية بصرية مستوحاة من الستينيات، مع لمسة "ريترو-فيوتشرستيكية" تمنحه طابعًا فريدًا داخل الـ MCU. هذا التوجه البصري يساهم في بناء عالم متميز للفريق.
ديناميكية الفريق الكيميائية:
تشير ردود الأفعال الأولية إلى أن الكيمياء بين أعضاء الفريق قوية جدًا. قضاء الممثلين لثلاثة أسابيع في البروفات قبل التصوير سمح لهم بالتعمق في شخصياتهم وبناء علاقات حقيقية، مما ينعكس على الشاشة في تصويرهم لعائلة مترابطة (وإن كانت معقدة). أداء بيدرو باسكال كـ "رييد" وفانيسا كيربي كـ "سوزان" يتلقى إشادة خاصة.
الاستقلالية عن الـ MCU:
على الرغم من كونه جزءًا من الـ MCU، إلا أن الفيلم يركز على قصته الخاصة ولا يتطلب معرفة مسبقة بالأفلام الأخرى. إنه يقف بمفرده كفيلم مستقل، مما جعله "نسمة من الهواء المنعش" للعديد من النقاد الذين شعروا بالإرهاق من تداخلات الـ MCU المعقدة.
ردود الأفعال الأولية لفيلم The Fantastic Four: First Steps مختلطة إلى حد ما، لكنها تميل إلى الإيجابية بشكل عام، وتصفه بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح" للفرقة:
الإيجابيات:
التصوير البصري المذهل: الفيلم يُشيد بجمالياته وتأثيراته البصرية الرائعة، لا سيما في تجسيد قوى الشخصيات وغالاكتوس.
الكيمياء بين الممثلين: يتم تسليط الضوء بشكل كبير على الكيمياء العائلية بين بيدرو باسكال، فانيسا كيربي، جوزيف كوين، وإيبون موس-باتراش، واصفين إياها بأنها جوهر الفيلم.
عمق شخصية سوزان ستورم: تُعتبر فانيسا كيربي "قلب الفيلم" وأدائها لسوزان "يسرق كل مشهد"، خاصة مع التركيز على رحلتها كأم.
وفاء غالاكتوس للكوميكس: يرى الكثيرون أن هذا هو أفضل تجسيد لغالاكتوس على الشاشة على الإطلاق.
النبرة المتوازنة: يُشار إلى أن الفيلم ينجح في الموازنة بين الفكاهة، الأكشن، والعمق العاطفي، مع الحفاظ على لغة سينمائية فريدة.
السلبيات:
يمثل The Fantastic Four: First Steps محاولة جادة ومختلفة من مارفل ستوديوز لتقديم العائلة الأولى إلى الـ MCU. من خلال تجنب قصة الأصل التقليدية والتركيز على الدراما العائلية العميقة المتشابكة مع تهديد كوني هائل، يقدم الفيلم رؤية طازجة للفريق. على الرغم من أن ردود الأفعال ليست إجماعًا تامًا على كونه "فيلمًا لا يُنسى"، إلا أن الأغلبية تتفق على أنه يمثل "خطوة عملاقة" للفانتاستيك فور على الشاشة الكبيرة، ويصحح العديد من الأخطاء السابقة، ويضع أساسًا متينًا لمستقبل مشرق لهذه الشخصيات الأيقونية في عالم مارفل السينمائي. مع التركيز على "الخطوات الأولى"، يبدو أننا نشهد بداية فصل جديد وواعد لأبطال مارفل الأوائل.