ستان لي : أيقونة القصص المُصورة

" مع القوة العظيمة تأتي مسؤولية أعظم" أحد أكثر المقولات شهرة في عالم الأبطال الخارقين التي لازمتنا منذ الطفولة مع شخصيتنا المحبوبة سبايدر مان والتي قام بِابتكارها أحد أشهر أيقونات كتّاب عالم الكوميكس (ستان لي) , الذي وجوده في عالم مارڤل أدّى الى نقلات نوعية في تفاصيل القصص و شخصياته وحتى عالم صناعة القصص المصورة . 
في هذه المقالة سنتعرف أكثر على سيرته و النقلات التي صنعها فنّه .

حياته وبداياته :ستانلي مارتن ليبر , كاتب و رسام قِصص مصورة ومُحرر امريكي ولِد عام 1922 ميلادي , بدأ مسيرته في صِناعة الكوميكس و تحريرها من عمر صغيرة جداً 16 عاماً , لِيرأس قسم التحرير في شركة "تايملي بابليكيشنز" التي تحولت لاحقاً وتغيّر اسمها الى مارڤل للقصص المصورة في عمر 18 . ولِد ستان لي في عائلة صغير بعد الحرب العالمية الأولى في مرحلة تُسمى ب(الكساد العظيم- The Great Depression) والتي كانت موجة اقتصادية ضرّت الكثير من العوائل بعد الحروب ومن ضمنها عائلته . كانت هذه الحالة والموجة الكبيرة مؤثّر كافي على شخصيته وكتاباته بِشكل واضح , فقد ولِد عنده الشغف وحب الكتابة والتأليف منذ الصغر وفي المدرسة ويَعود الفضل لِوالدته و زوجته في دعمه والهامه خلال مسيرته الطويلة . 
في بداياته كان ستان لي يُشارك في رسم وكتابة قصص الأبطال الخارقين فَكانت أول شخصية يكتبها هي (المُدمر - the Destroyer) عام 1940 لكن وجودها لم يَدم كثيراً في عالم الكوميكس حيث تم تجنيده في الجيش الأمريكي لمدة عامين تقريباً لَيعود بعدها و يبدأ بِالمساعدة في كتابة أكثر الشخصيات الأيقونية في القصص المصورة (كابتن أمريكا و فانتاستيك فور ) مع الرسام و الكاتب (جاك كيربي) , والتي كانت سبباً في شُهرة كوميكس مارڤل خلال فترة الأربعينات و الخمسينات في القرن الماضي , ولِيبدأ بعدها ستان لي في سرد قِصصه الخاصة ومنظوره الشخصي لِلأبطال الخارقين , وليُنشئ عالم ملئ بِالشخصيات ذات القوى المُختلفة والفريدة في الكوميكس والتي تحوّلت لأعمال تلفزيونية وسينمائية شارك وساهم بِشكل كبير فيها حتى وفاته عام 2018 .


كيف تصنع بطلاً خارقاً ؟ستان لي لَم يكن المؤلف الوحيد لِلقصص المُصورة في عصره فما الذّي ميّز كِتاباته وأبطاله عن بقية الشخصيات التي بَرزت وقتها ؟ أو بِالأحرى مَا الذي غيّره ستان لي في صناعة الأبطال الخارقين ؟ في عام 1960 كانت خُطتة ستان هي الاستقالة والاكتفاء بِما أدّاه في صناعة وتحرير الكوميكس , لكن زوجته نَصَحته بِالبدء بما هو شغوف به أكثر : وهو شخصيات أكثر واقعية في كِتابتها و بِطابعه البطولي الخاص . فبدأ بعدها بِخلق الكثير من الشخصيات المحبوبة حتى يومنا هذا مثل فريق الأكس مين – ديرديفل – هولك – سبايدرمان – أيرون مان – بلاك بانثر – سكارليت ويتش و دكتور سترينج , ولم يكتفي بهذه الأسماء بل استمر بِابتكار المزيد والمزيد وإضافة الكثير من الشخصيات لِعالمنا , حتى تصدّرت مارڤل و برزَت شعبية شخصياتها أكثر فأكثر . لكن هل كان فقط تَعدد الشخصيات سبباً كافياً لِنجاح ستان لي ؟ بِالطبع لا , فَشخصيات ستان لي تَميزت بِكونها إنسانية أكثر وبِإمكان أي شخص الشعور بالارتباط بها . حيث يَجد القارئ ما يَشبهه بهذه الشخصية من ناحية ماضيها أو ما تُقدمه بعيداً عن قواها الخارقة . فَلِشخصياته مشاعر إنسانية و ظروف نُشاهدها في واقعنا الاجتماعي . حيث بَرزت شخصيات (الأكس-مين) في فترة كانت المطالبة بِالحقوق والمُساواة هي الموضوع الأهم في المُجتمع آنذاك والتي وجد العديد من القرّاء الارتباط بِأفكار الشخصيات في مطالبها مثل الدكتور اكساڤيير . كما تَميّز ستان وقتها بِعرض أول بطل خارق أسود البشرة بلاك بانثر والتي كانت لاحقاً من الشخصيات المحبوبة . و بالرغم من وجود الخيال في عالمه الا انه يَحرص دائماً على وجود عنصر الواقعية و حمل شخصياته لِكل ما يؤمن بِأنه صحيح . فَبحسب لِقاء قديم معه ذكر ستان لي أنه دائماً ما يُحاول البدء وكتابة شيء لم يتم فِعله أو كتابته من قبل ! , فَكل شخصية لابد أن يكون لها شيء مُميز يجعل الأخرين يرغبون بِمعرفة المزيد عنها , كما انه يُحاول خلق شخصيات يرتبط بها القُرّاء , فقد كان يكره فكرة الشخصيات الجانبية عديمة الفائدة بِشكل كبير والتي وجودها يخدم فقط تَميّز البطل و ابرازه أكثر لا غير , فهو يُحب جعل شخصياته الجانبية بطولية بِطريقتها الخاصة . فَفي وجهة نظره الاهتمام بِشخصية البطل نفسه وحياته العادية مُهمه بِقدر قوته الخارقة , فَمع القوة العظيمة تأتي الأخطاء و العيوب و محاولات الإصلاح الكبيرة , فلا وجود لِشخصية كاملة في واقعنا وهذا ما يَسعى لإصالة.

الإلهام :أُلهِم ستان لي من أشياء مختلفة وعشوائية لِابتكار شخصياته ابرزها هو السينما والقراءة فقد كان مُحباً للفانتازيا القِصصية لاعتقاده بأنها ممتعة لِذلك حَرِص على وجود طابع المرح و الخيال في عوالم أبطاله . ولم يَكن فقط الهامه من مصادرنا المُعتادة! فَفي حوار له حول أفكاره الأولى لِشخصية سبايدرمان كان الهامه الأول ذبابه حطّت عليه ! فكّر وقتها بِأنه لَمن الرائع أن يكون هُناك شخصية غريبه الميزة بحيث تكون مثل الحشرات ! فَبدأ بِمحاولة وجود اسم لِشخصيته مثل (فلاي مان و انسكت مان ) حتى استقر على اسم سبايدر مان لاعتقاده بِأنه اسم ذو صوت ووقع درامي أكثر , وبِالرغم من رفض فكرته في البداية من قبل المنتجين و المُحررين لاعتبارهم بِأنها فِكرة سيئة ولا تَخدم المفهوم البطولي الذي يَسعون اليه ,  فقد كان توجّه المحررين وقتها لِخلق شخصيات بطولية مثل سوبرمان أتت من كوكبٍ بعيد , الا ان ستان استطاع أخيراً سرد قصة الرجل العنكبوت لِتتحوّل بعدها لأكثر الشخصيات حُباً في عالم الكوميكس وأكثر شخصية ابتكرها إعجاباً من الجمهور وكاتبها نفسه .

ولِنتحدّث عن الالهام في شخصياته , ذكَر ستان لي بأن الهامه الأول لابتكار (هولك) كانت شخصية (فرانكشتاين) من الادب القوطي , حيث أحب ستان هذه الشخصية ودوافعها من الكتب و الأفلام وفكّر بِأنه لم يكن وحشاً على الاطلاق حيث كانت دوافعه سلمية , فَبرزت أفكار الوحش الذي باستطاعته التحول لِشخصٍ عادي , حيث تكره كلا الشخصيتين بعضهما ! , فََينفُر الرجل من هيئته الوحشية و يكره الوحش هيئته البَشرية لِيكون هُناك ذلك الصراع الداخلي المُستمر وتبدأ معه الأحداث والمُغامرة . والأمر ذاته مع شخصية ثور , ذكَر ستان لي بِأن وقتها الكثيرين كانوا على معرفة بالأساطير اليونانية و الرومانية وغيرها لكن القليل من عرفوا بالأساطير الاسكندنافية حيث كانت مُمتعه أكثر بِشخصياتها , فَأخذ يَسرد هذه المرة أبطال أسغارد بِاقتباس صريح لِكثير من المُعطيات من الأسطورة النرويجية ودمجها مع خياله الخاص .

وأخيراً وكما يَقول  ستان لي المهم هو أن نحظى بِالمرح .

شكراً لِقرائتك واتمنى أنكم حظيتم بِالمرح , شاركنا اسم شخصية تُحبها من ابتكار ستان لي ؟  و لا تنسى شاركنا رايك في هذا المقال على سيرفر ديسكورد الخاص بنا. 


1 تعليقات

أحدث أقدم